الفرق بين فحوى الخطاب ودليل الخطاب
أن فحوى الخطاب ما يعقل عند الخطاب لا بلفظه كقوله تعالى " فلا تقل لهما اف " فالمنع من ضربهما يعقل عند ذلك، ودليل الخطاب هو أن يعلق بصفة الشيء أو بعدد أو بحال أو غاية فما لم يوجد ذلك فيه فهو بخلاف الحكم، فالصفة قوله في سائمة الغنم الزكاة فيه دليل على أنه ليس في المعلوفة زكاة، والعدد تعليق الحد بالثمانين فيه دليل على سقوط مازاد عليه، والغاية قوله تعالى " حتى يطهرن " فيه دليل على أن الوطئ قبل ذلك محظور، والحال مثل ما روي أن يعلى بن أمية: قال لعمر مالنا نقصر وقد أمنا يعني الصلاد فقال عمر تعجبت مما تعجبت منه وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، وهذا مذهب بعض الفقهاء، وآخرون يقولون إن جميع ذلك يعرف بدلائل اخر دون دلائل الخطاب المذكورة هاهنا، وفيه كلام كثير ليس هذا موضع ذكره، والدليل لو قرن به دليل لم يكن مناقضة ولو قرن باللفظ فحوان لكان ذلك مناقضة ألا ترى أنه لو قال في سائمة الغنم الزكاة وفي المعلوفة الزكاة لم يكن تناقضا، ولو قال فلا تقل لهما اف واضربهما لكان تناقضا، وكذلك لو قال هو مؤتمن على قنطار ثم قال يخون في الدرهم يعد تناقضا وقوله تعالى " ولا تظلمون فتيلا " يدل فحواه على نفي الظلم فيم زاد على ذلك، ودلالة هذا كدلالة النص لان السامع لا يحتاج في معرفته إلى تأمل، وأما قوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر " فمعناه فامطر بعده، وقد جعله بعضهم فحوى الخطاب، وليس ذلك بفحوى عندهم ولكنه من باب الاستدلال ألا ترى أنك لو قرنت به فحوان لم يكن تناقضا فأما قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " فإنه يدل على المراد بفائدته لا بصريحه ولا فحواه وذلك أنه لما ثبت أنه زجر أفاد أن القطع هو لاجل السرقة وكذلك قوله تعالى " الزانية والزاني ". الفرق بين الفداء والعدل: أن الفداء ما يجعل بدل الشيء لينزل على حاله التي كان عليها وسواء كان مثله أو أنقض منه، والعدل ما كان من الفداء مثلا لما يفدى ومنه قوله تعالى " ولا يقبل منها عدل " وقال تعالى " أو عدل ذلك صياما " أي مثله.